فالجواب: أن هذا وإن كان ظاهرا لا يوجب أن الخبر هو المستفاد وحده أو المستفاد به وحده، بل نظير علمك بالمبتدأ وحده علمك بمدلول الخبر، ولاشك أنه معلوم للسامع قبل الإخبار وإلا لم يصح الإفهام، فإذا كل واحد من المبتدأ والخبر معلوم من جهة، وإنما المجهول النسبة والحكم بأن صاحب هذا الاسم هو صاحب هذا الآخر، وهذه النسبة المجهولة لا يستقل بإعطائها الخبر وحده دون المبتدأ ولا المبتدأ دون الخبر، بل هما جميعا، وهو مقتضى ما قاله الناظم، فوضح أن كلامه غاية في تحقيق المسألة، والكلام فيها هنا مستعار من علم آخر للحاجة إليه، وأتى بمثالين وهما: الله بر، والأيادي شاهدة، ومعنى: بر أي: يبر عباده، وهو من قولهم: بره يبره برا فهو بر من قوم أبرار، وبار من قوم بررة، وهو راجع إلى معنى الإكرام، والأيادي: العطايا، واليد الجارحة لا تجمع في الغالب على أياد، ولا تجمع على أيد، وأما اليد بمعنى العطية فإنها تجمع على أياد ولا تجمع على أيد، نص على ذلك أهل اللغة، وقد تجمع اليد بمعنى العطية على يدي كثدي وثدى، وقد تجمع اليد الجارحة على أياد. أنشد ابن جني: /
ومستامة تستام وهي رخيصة ... تباع بساحات الأيادي وتمسح