بأنه الجزء المتم الفائدة، فجعله متما لها ولم يجعله معطيا لها من أصل، كما هو ظاهر من كلام غيره، فمعناه أن الفائدة حصلت بينهما، أعني بين المبتدأ والخبر، فالمبتدأ يحصل شيئا منها لكن على غير تمام، ثم يأتي الخبر فيتمها ويكملها، هذا مقتضى لفظ "متم" وحيث اعتبرنا نحن ما قاله الناظم مع ما قاله غيره سبق لنا ما قاله غيره، واعتبرنا ذلك بأن المبتدأ إذا ذكر وحده لم يفدنا شيئا حتى يذكر الخبر، فما وجه ما قاله الناظم؟
والجواب: أن ما ظهر من الناظم هو الصواب، والذي لا ينبغي أن يقال بغيره وذلك أنه لا يمكن أن يقال: إلا أن الفائدة حصلت بهما معا، وكل واحد من الجزءين له حظ وطريق خاص في إعطاء الفائدة.
ومن الدليل على هذا أنه لا يستفاد من الخبر وحده فائدة البتة إذا قلت: قائم أو عالم دون أن يأتي بالمبتدأ، كما أنه لا يحصل بالمبتدأ وحده فائدة دون أن يؤتى بالخبر.
وأما من أطلق من النحويين القول بأن الخبر هو محل الفائدة، فمن جهة أنه الذي جاء آخرا وعند الإتيان به حصلت الفائدة، ولم يتشوف إلى منتظر، كما يتشوف بعد ذكر المبتدأ إلى الخبر، فإذا ثبت هذا فللمبتدأ حظ في الإفادة من حيث هو المحدث عنه، وللخبر حظ أيضا من حيث هو الحديث، فصح إذا أن الخبر هو الجزء المتمم الفائدة كما قال الناظم.
فإن قيل: كيف هذا وأنتم تشترطون في المبتدأ أن يكون معروفا عند السامع والخبر مجهولا، فإذا ذكرت المبتدأ فكأنك لم تزد شيئا على ما كان عند السامع فإذا ذكرت الخبر فقد ذكرت ما كان مجهولا عنده وذلك هو موضع الفائدة ضرورة، وإلا فلو كان معلوما لم يستفد شيئا.