معنى العائد؟ فقال الفراء: معنى لا يظهر. فقال الجرمي: أظهره، قال الفراء: لا يمكن إظهاره، قال الجرمي: فمثله: قال: لا يتمثل، قال الجرمي: لقد وقعت فيما فررت منه.

قال ابن الأنباري: فحكى أنه سئل الفراء بعد ذلك فقيل له: كيف وجدت الجرمي: فقال: وجدته آية، وسئل الجرمي فقيل له: كيف وجدت الفراء؟ فقال: وجدته شيطانا، وهنا مسألة اصطلاحية في كلام الناظم إشارة إليها وإلى مقصد النحويين فيها وذلك حيث قال: (ورفعوا مبتدأ بالابتدا) والضمير في رفعوا إما أن يكون عائدا على العرب، وإما على النحويين وهم المصطلحون وعلى كلا التقديرين فمعنى الكلام أنهم هم الرافعون لهما بسبب وجود الابتداء والمبتدأ، فمن حيث جعلوا الرفع موجودا مع وجودهما ومعدوما مع عدمهما جعلوهما كالسبب في الرفع، وليس السبب في الحقيقة إلا المتكلم، ثم إنهم ينسبون العمل للألفاظ لتحقيق هذا الاصطلاح، إذ كانت هي العلامات لرفع ما يرفع ونصب ما ينصب وجر ما يجر ويستعمله الناظم كثيرا كقوله: (ترفع كان المبتدأ اسما والخبر تنصبه) وهو اصطلاح عام في كلام أهل هذه الصناعة لضبط القوانين لا أنهم مدعون لذلك حقيقة لأن الألفاظ لا ترفع ولا تنصب ولا تجر، وعلى هذا نبه ابن جني في "الخصائص" حين بين أن مقاييس العربية معنوية في الغالب، ومثل ذلك بموانع الصرف، ثم قال: ومثله اعتبارك باب الفاعل والمفعول به بأن تقول: رفعت هذا بأنه فاعل، ونصبت هذا بأنه مفعول. فهذا اعتبار معنوي لا لفظي. قال: ولأجله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015