واحتج على صحته بإبطال ما عداه وقد تقدم طرف من التوجيه له، فلنضرب عن ذكر الحجج واستيعابها صفحا، لكن نذكر مذاكرة جرت بين كوفي وبصرى في مذهبيهما، فحكى ابن الأنباري في "الإنصاف" أنه اجتمع أبو عمر الجرمي وأبو زكريا يحيى بن زياد الفراء فقال الفراء للجرمي: أخبرني عن قولهم: زيد منطلق، بم رفعوا زيدا؟ فقال له الجرمي: بالابتداء، فقال له الفراء: ما معنى الابتداء؟ قال: تعريه من العوامل اللفظية. قال له الفراء: (فأظهره) فقال له الجرمي: هذا معنى لا يظهر. قال له الفراء: فمثله إذا. فقال له الجرمي: لا يتمثل. قال له الفراء: ما رأيت كاليوم عاملا لا يظهر ولا يتمثل، فقال له الجرمي: أخبرني عن قولهم: زيد ضربته، بم رفعتم زيدا فقال: بالهاء العائدة على زيد. فقال له الجرمي: الهاء اسم فكيف ترفع الاسم؟ فقال الفراء: نحن لا نبالي من هذا فإنا نجعل كل واحد من الاسمين إذا قلت زيد منطلق رفعا لصاحبه. فقال الجرمي: يجوز أن يكون كذلك في زيد منطلق، لأن كل واحد منهما مرفوع في نفسه، فجاز أن يرفع الآخر، وأما الهاء في ضربته ففي محل النصب، فكيف ترفع الاسم؟ فقال الفراء: لم نرفعه بالهاء وإنما رفعناه بالعائد على زيد. فقال الجرمي: ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015