ولأجل الحكاية لم يقل: "كذا طبت النفس" و "يا قيس" من لفظ البيت الذي فيه الشاهد، فأدخل الألف واللام على نفس، وهو تمييز منقول من الفاعل، ومثل ذلك من التمييز ما قال الآخر:
علام ملئت الرعب والحرب لم تقد ... لظاها ولم تستعمل البيض والسمر
وقوله: (ولا ضطرار) مفعول له جره باللام وإن استوفى شروط النصب، فيجوز أن يقال: وقد تزاد اضطرارا وهو جائز، لكنه قليل، نص الناظم على ذلك في بابه وجاء بقوله: "السرى" صفة لقيس تكملة للبيت، والسرى: الشريف. يقال: رجل سرى، من قوم سراة، وجمع السراة: سروات. ويقال في فعله: سرا يسرو وسرى- بالكسر- يسرى سروا فيهما، وسرو يسرو سراوة، ويبقى بعد في هذا الكلام نظر من وجهين:
أحدهما: أنه جعل "بنات الأوبر" مما زيدت فيه الألف واللام اضطرارا ومن مذهبه الذي تقرر قبل أن ما جاء في الشعر مما يتأتى تحويله إلى ما ليس بضرورة، فليس حكمه حكم الضرورات، فإذا نظرنا فيما عده ضرورة هنا وجدناه يتأتى مساقه على غير جهة الضرورة، فقد كان يمكنه في الأول أن يقول: ولقد نهيتك عن بنات أوبر بغير ألف ولام ولا ينكسر الوزن، وإنما فيه زحف وهو الوقص، وذلك/ حذف التاء من متفاعلن وذلك جائز، فلم يضطر على مذهب ابن مالك إلى زيادة الألف واللام، فجعله ذلك من الاضطرار على مذهبه غير صحيح.