الموافقة والطاعة والانقياد إلى طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وإن قلنا: إن آله من يرجع إليه في الدين، فكذلك أيضا، لأنهم غر محجلون من أثر الوضوء. وأيضا فهم سادة الناس، وأكرم الناس، لأنهم المتقون، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، ولذلك سوى الإسلام بينهم، فليس للفاضل في النسب الصريح على المفضول فيه مزية إلا بزيادة التقوى وشدة الامتثال للأوامر والنواهي، فليس السوداء على ابن البيضاء فضل، فاستوى في هذا الشرف الفاضل والمفضول، وصار الجميع أفضل الناس.
ثم قال: "وصحبه المنتخبين الخيرة"، الصحب: اسم جمع لصاحب، وليس بجمع له على القياس على مذهب سيبويه والجمهور، ومثله: راكب وركب. والصاحب في اللغة: ذو الصحبة، وهي الاجتماع والمؤالفة، صحبت فلانا صحبة وصحابة، فهو صاحب، ويجمع أيضا على الأصولين مختلف فيه؛ فذهب جماعة منهم ابن حنبل إلى أنه من رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- وصحبه ولو ساعة، وإن لم تطل الصحبة ولا روى عنه حديثا ولا اختص به اختصاصا زائدا على مجرد اللقاء والمصاحبة. وذهب قوم إلى أنه من رآه- عليه السلام- واختص به اختصاص الصحبة، وطالت مدة صحبته له، وإن لم يرو عنه.