صحيحا أثبت وجه صحته، وما كان فيه خلل بينته بقدر الإمكان، إلى أن كمل منه بحمد الله ما رأيت، وعسى أن يكون هذا المنزع هو الحكمي/ في التعليم، والرباني في التحصيل، وهو الذي أرجو، فإن وافق ذلك فبفضل الله، وإلا فقد حرصت على ذلك، والله ينفع بالقصد.
وقد سلكت فيه مسلك شيوخي- رضي الله عنهم- في البحث وتحقيق المسائل، والتأنيس بالتنظير، والتنقير عن دفائن اللفظ، وبتتبعه بقدر الإمكان، والاعتراض وإيراد الإشكال، والاعتذار عن اللفظ المشروح على حسب ما أعطاه الوقت والحال، وأوجبه تحسين الظن بالمؤلف، وعدم الوقوف وراء اللفظ تقليدا دون أن يتحرر معنى الكلام أو يظهر وجهه، والاحتجاج لمذهب المؤلف وترجيحه لما أمكن له وجه ترجيح، وتنشيط القارئ في بعض المواطن بالحكايات عن أهل العلم في المسائل المتكلم فيها.
هذا ما جمعت مما شهدته وعرفته وأخذته عن أشياخي، فقد كان شيخنا الأستاذ الشهير أبو عبد الله بن الفخار- رحمة الله عليه- في هذه الطريقة إماما غير مدافع، حافظا لمسائلها، وكان من طرق تعليمه البسط والتعليل وفصل القضية بين المختلفين من أهل البصرتين وغيرهم، وضرب المسائل بعضها ببعض، والاتساع في التنظير، والإمتاع في المسألة المنظور فيها، إلى غير ذلك من التحصيلات المحكمة، والنكت المجتلبة المنقولة عن شيوخه والمفترعة له. وكان شيخنا القاضي أبو القاسم