والثاني: أن الناظم لم يقتصر في كثير من هذا الكتاب على مجرد النقل الذي لا يشوبه تعليل، ولا أضرب عن ذكر الخلاف والإشارة إلى الترجيح، بل نبه على التعليل، ورمز إلى الأخذ بالدليل، وأرشد إلى أن لبسط العلل فيه موضعا، وللإدلاء بالحجج وفصل القضايا بين المختلفين فيه مجالا متسعا؛ فلذلك بسطت فيه من المآخذ الحكمية العربية ما يسوغ أن يقع تعليلا لمسائلة، وأوردت فيه من التنبيه على الخلاف في المسائل الموردة فيه ما وسعني إيراده، وملت إلى الانتصار للناظم فيما رآه والاعتذار عنه ما وجدت إلى ذلك طريقا. حتى إذا لم أجد لما ارتكبه مساغا في المنقول ولا في المعقول بينتُ الحق في المسألة، ورددت عليه غير مزدر به ولا منتقص له، علما بأن من كلام الناس المأخوذ والمتروك، إلا ما كان من كلام النبوة.
والثالث: أن فيه من القواعد الكلية والقوانين العاقدة ما ينبغي بسطه ولا يسع اختصاره، فلو قصد قاصد اختصار الكلام عليها أو اكتفى بالنظر الأول فيها كان إخلالا بمقصد الشرح، وإغفالا لما تأكد طلبه وبسطه منه.
والرابع: أن تعويله على الإشارة بالتمثيل، وعقد الضوابط بها، والاتكال على المفهوم، والإتيان بالعبارات الغامضة المعاني ما يدل على أن صاحبه قصد أن يشترك في النظر فيه الشادي والمنتهى، فلذلك حملت العبارة ما تحتمله في باب المفهوم والمنطوق، وخدمتها بالاعتراضات والأجوبة فيما أمكن، وتتبعت قواعده الكلية، وعرضتها على أصول العلم، فما وجدته منها