تتتابع، فإنك لا تقول فيه: اتابع، لأن الأولى تسكن فيلزم الابتداء بالساكن، ولا يجوز الإتيان بهمزة الوصل، لأنها لا تلحق المضارع كما تقدم.
فإن قلت: إن هذا ليس بعلة للمنع، فإنك قد تأتي بمد أو تحريك قبلها، فلم لا يجوز الإدغام كما جاز في نحو: (لا تناجوا) ونحو: (تكاد تميز) و (لتعارفوا) و (فتفرق بكم عن سبيله)، فتقول على هذا" أنت تابع، في: أنت تتابع، وهي تابع، في: هي تتابع. وكذلك: لا تابع يا هذا، وما أشبه ذلك.
فالجواب: أن الإدغام في مثل هذا على خلاف الأصل والقياس، لأنه بناء على الاعتداد بالعارض، والأصل ألا يعتد به، وإذا كانوا قد تركوا الإدغام في أحد الوجهين اعتبارا بعروض أحد المثلين في مسألتنا ونحوها، مع أن التاء قد صارت جزءا من الكلمة نحو: تتابع وتتالى، فما ظنك بالاعتداد بما هو من كلمة أخرى، لكنه سمع ذلك مع عدم الحذف، ولم يسمع مع الحذف فلا نقول به ولا نجيزه. وأيضا الإدغام يشبه الحذف إذ يصير به الحرفان كحرف واحد، فهو إذا اجتمع مع الحذف إخلال بالكلمة، فاجتنبوه. وأيضا لما امتنع فيه الحذف بعد الحذف فارق تتناجون ونحوه، فلما التزم فيه التاءان في جميع أحواله لم تلتفت تلك الحالة؛ إذ كان غير متعين في كثير من أحوال الفعل. وأيضا الإدغام ليس بأصل بل الأصل الحذف، فإذا امتنع الأصل امتنع الفرع. (و) بهذين استدل ابن الضائع.