تصير من باب التقاء الساكنين، وتخرج عن هذا الباب، فلم يكن ذكره هنا لائقا.
والثالث: أن يكون الحرفان في كلمة واحدة، فإن كانا في كلمتين لم يجر فيهما حكم وجوب الإدغام كالمتقاربين بالنسبة إلى الشرط الآخر، فالمفهوم فيهما معا الجواز وهو مفهوم صحيح، لأنك تقول: جعل لك، وجعل لك، وهرب بكر، وهرب بكر، وما أشبه ذلك. والمفهوم في الموضعين جملي، لأنه ليس كل مقارب يدغم في مقاربة، ولا كل متقاربين يجوز إظهارهما، ولا كل مثل يجوز أن يدغم في مثله إذا كانا من كلمتين؛ ألا ترى أن الواو والياء لا يدغمان في مقاربهما، ولا مقاربهما فيهما، (لما فيهما) من المد. وأيضا حروف المد صنف على حدة لا يجوز أن تقلب إلى الحروف الصحاح/، ولا الصحاح إليها، والنون تدغم في حروف "لم يرو" إذا سكنت ولا يجوز الإظهار، وخرجت النون عن الحروف الصحاح فأدغمت في الواو والياء لشبهها بالغنة بحرف اللين. والألف والهمزة لا يجوز في واحدة منهما إدغامها في مثلها، أما الألف فلأن حقيقتها المد، والإدغام رفع اللسان عن الحرفين رفعة واحدة، وذلك لا يتصور مع المد، ألا ترى أنه يزول في نحو مغزو وولى، فلو مددت لم يجز الإدغام. وأما الهمزة فللزوم تخفيف إحداهما عند الاجتماع. فقد ظهر أن الحكم بجواز الإدغام في المسألتين غير مطرد، لكن إذا نظر الباب كله في المسألتين وجد جواز الإدغام هو الأغلب فيهما، فلأجل هذا حملت كلام الناظم القصد إلى حقيقة المفهوم، ولم أحمله على اطراحه، فالأحسن أن يكون حكمهما