وأما البصريون فهي عندهم في الأفعال اعتبارا بجريان أحكام الأفعال عليها، ومن جملتها الاتصال بضمير الرفع البارز الذي عرف به الناظم، ويدخل له أيضا في الأفعال: هيتَ وهيتُ وهِئتُ وهُيِّيتُ وما أشبه ذلك، وإن كانت عند غيره أسماء وأفعال، لأن مذهبه في غير هذا الكتاب أن ما لحقه ضمير الرفع البارز فهم فعل، وإن كان ليس على صيغة الأفعال. ألا تراه قال في "التسهيل" في باب أسماء الأفعال والأصوات: وبرزوه -يعني الضمير- مع شبهها في عدم التصريف، يعني شبه أسما الأفعال دليل فعليته.
وتعريفه الفعل هنا بذلك يدل على أنه ذهب فيها مذهبه في "التسهيل" وهو ظاهر؛ لأن الضمائر البارزة إنما شأنها أن تلحق الفعل لا الاسم، لكن قد وجه ابن جني بروز الضمير في اسم الفعل بأنها لما كانت دالة على الأفعال ونائبه منابها، وقويت الدلالة عليها حتى كأنها هي، ظهر فيها الضمير في بعض الأحوال، ليدل على قوة شبهها بالأفعال التي نابت عنها. قال: وايد ذلك كون الموضع للأمر، والأمر إنما بابه أن يكون للأفعال. قال: فتضارعت الحالان، أعني وقوع هذه الأسماء نائبة عن تلك الأفال، وغَلَبَةَ الأمر على الفعل فبرزه ما برز من الضمير هنا في بعض الأحوال، مناسبا لما هم بسبيله من إرادة الفعل الذي ناب الضمير له، وتمكنه فيه، هذا ما قال في توجيهه منضما إلى معارض عارضه في دعوى الفعلية، وهو أنها في الغالب غير جارية على أوزان الفعل كهيتَ، وهيتِ، وهيْتَ وهِجْدَ، إذ يقال هكذا