وهذه إحدى الغرائب من ابن مالك، حيث خرج في هذه المسألة عن حكم غيره وقال ما لم يقله أحد، وأنت ترى ما في مخالفة الإجماع من لزوم الخطأ للمخالف؛ إذ الناس مجمعون على خطأ من خالف الإجماع، وعلى تخطئة من خطأهم.
فإن قيل: إن إجماع النحويين ليس بحجة كما أشار إليه ابن جني إذ قال: "اعلم أن إجماع أهل البلدين إنما يكون حجة أعطاك خصمك يده ألا يخالف المنصوص أو المقيس على المنصوص، فأما إن لم يعط يده بذلك فلا يكون إجماعهم حجة عليه"، قال: "وذلك أنه لم يرد ممن يطاع أمره في قرآن ولا سنة أنهم لا يجتمعون على الخطأ كما جاء النص عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (من قوله): أمتي لا تجتمع على ضلالة، وإنما هو علم منتزع من استقراء هذه اللغة، قال: فكل من فرق له عن علة صحيحة وطريق نهجة كان خليل نفسه وأبا عمرو فكره". هذا قوله، وإذا كان إجماع النحويين ليس بحجة فمن خالفه كان خليل نفسه وأبا عمرو فكره، إذ لم يخالف في كتاب ولا سنة ولا (في) مقيس عليهما أو مستنبط منهما، فكذلك يكون ابن مالك خالف الناس لما سنح له في ذلك من قياس أو استقراء.
فإنا نقول: الذي يقطع به ولا يشك فيه أن الإجماع في كل فن شرعي أصله المنقول حجة، لأن الإجماع معصوم على الجملة، قامت بذلك الدلائل الشرعية على ما تقرر في الأصول. وسبيل ابن جني في المسألة سبيل النظام