وإنما كانت غايةُ الأفعال الأربعةَ لأن الأسماء أقوى منها فجعلوا لها
على الأفعال فضيلة لقوتها واستغناء الأسماء عن الأفعال وحاجة الأفعال إلى
الإسناد إليها وحطُّوا الأفعال درجة عنها. هذا تعليلُ المازني وذكر
ابن جني في ذلك وجها آخر وقال إنه قولُ سيبويه وهو أنّ «الأفعال لم
تكن على خمسة أحرف كلُّها أصول لأن الزوائد تلزمها للمعاني نحو حروف
المضارعة وتاء المطاوعة في تدحرج وألف الوصل والنون في احرنجم
فكرهوا أن يلزمها ذلك على طولها». قال ابن جني «فإن قلت إنهم قد
قالوا عندليب وعَضْرَفُوط وقبعثرى ونحوها فألحقوها الزوائد وهي
خماسية فإنّ الأفعال أقعدُ في الزوائد من الأسماء لأنها تنقلها من حال
إلى حال».
ثم قال «وَإِنْ يُزَدْ فِيهِ فَمَا سِتًّا عَدَا» يعني أن المزيد فيه من الأفعال غاية
ما يبلغ بالزيادة ستة أحرف لا يتعداها إلى السبعة فأكثر وذلك لأن الأسماء لما
كانت أقوى وأخف كما تقدم ساغ أن تلحق الزيادة ويبلغ بها السبعة وأما
الأفعال فأضعف فلم يبلغ من قوتها أن تساويها في الزيادة. وأيضا فإن
زيادة الأسماء قد تحذف كثيرا في التحقير والتكسير وغيرهما ولا سيما في تحقير الترخيم فصارت في الأسماء كالمنفصلة منها فاحتملوا كثرة الزيادة فيها بخلاف الأفعال فإنها ليست كذلك فكرهوا تطويلها بالزيادة اللازمة.
[281]