والمسألة الثانية: أن في كلامه ما يدل على أنه قياس، وذلك أنه أغنى عن الياء، فقيل: ولا شك أن قوله: "أغنى" يريد به أن ذلك قد جاء في السماع على ذلك الوصف، وقوله: "فقُبِل" إمَّا أن يعني: أنَّ النحويين قبلوه من حيث هو سماعٌ ولا يقاس عليه، وإمَّا أن يعنيَ أنهم قبلوه وأخذوا بمقتضاه، وقاسوا عليه، فلو أراد الأول لم يكن فيه فائدةٌ؛ إذ الأخبار عن الشذوذات بأنها قبلت نقلاً، كما جاءت لا محصول تحته بالنسبة إلى صنعة النحويين أهل القياس كما / لو قال قائلٌ: إن العرب قد قالت:
صددْتِ فأطْوَلْتِ الصُّدُودَ
فقبله النحويون، فإن هذا الكلام لا يحصِّل معنًى يُعتد به بخلاف ما إذا أراد أنهم قبلوه في القياس وأخذوا به، فإن في هذا أجل فائدة لهم للإخبار بأن مثل هذا ليس عندهم من السماع المهمل الذي لا يعتمدون عليه، بل هو معتمد عليه مبني على محصوله، وأصرح من هذا في كلامه قوله بعد:
وغيرُ ما أسلفتُهُ مقررا ...
إلى آخره.