إذْ ليس معناه إلا أن الفاعل انفرد بذلك الموضع مغنياً عن خبر المبتدأ، وكذلك هاهنا أي: يغني عنه بحيث لا يقع في ذلك الموضع إلا أحد الأبنية، وهذا معنى كلامه في التسهيل؛ إذ قال: "ويستغنى عنها (يعني عن ياء النسب) غالباً بـ (فعَّال) من لفظ المنسوب إليه إن قصد الاحتراف، وبصوغ (فاعلٍ) إن قصد صاحبُ الشيء"، وهو ظاهر من كلام سيبويه، فهو أولى ما يُحمَلُ عليه هذا النظم. وأمَّا الاحتمال الأول فهو مذهبٌ أيضاً، وإليه ذهب ابن عصفور؛ إذْ خيَّر في صوغ أحد الأبنية أو إلحاق ياء النسب، نص على ذلك في "المقرب" و"شرح الجمل"، ويظهر من كلام المارديّ؛ إذ قال: تقول لبائع اللؤلؤ: لؤلؤيٌّ، ولآّلٌ، ولصاحب العاج: عاجيّ وعوَّاجٌ، ولصاحب الزُّجاج: زجَّاجي وزجَّاج. هذا ما قال. وهو مذهبٌ مرجوحٌ، وظاهر كلام العرب الاستغناء، كما أشار إليه كلام الناظم، وكلام سيبويه على ذلك يدلّ؛ لأنه لما أتى بمثال من فعَّال، وبين أنه أكثر من أن يحصى، قال: وربَّما ألحقوا ياءي الإضافة كما قالوا: البتِّيّ، فأتى بـ"ربَّما" المقتضية للتقليل، وإنما هو ناقلٌ، فياء النسب في هذ الموضع نادرة، والنادر لا يقاس عليه.