مطلقا، ولم يستثن في هذا التخيير أداة دون أخرى، فاقتضى جواز اللحاق أن ذلك يصح في ذيك، وفي المثنى كما صح في المفرد المذكر أولاء وفي المجموع، وهذا غير صحيح.
فالجواب: أنه ليس مقصوده بقوله: (ولدى البعد انطقا بالكاف حرفا دون لام أو معه) التنبيه على لحاق اللام مطلقا في كل أداة تقدم ذكرها وإنما قصده أن الكاف على الجملة تدل على البعد، فإذا أردت البعيد أتيت بها ولا شك أن الأمر كذلك.
وأما قوله: (دون لام أو معه) فالمقصود التنبيه والتنكيت على مخالفة من يرى أن الإشارة للبعيد إنما تكون باللام، فإذا تركت اللام فهو إشارة إلى المتوسط بين القريب والبعيد، وهو مذهب مشهور للمتأخرين من النحويين، وإذا كان هذا قصده الأعظم بقى النظر في لحاق اللام وعدم لحاقها ليس مقصودا أولا، وإنما تكلم فيه بالانجرار فيقف موضع لحاقها على اللغة أو على غير هذا الكتاب، فإذا لا اعتراض عليه في هذا الموضع، وحين ذكر أن الكاف تلحق دلالة على البعد بين فيها حكما لابد من بيانه لما ينبني عليه بقوله: "حرفا" وهو/ حال من الكاف، يعني أن الكاف اللاحقة هنا ليست اسما ككاف الضمير، وإنما هي حرف من الحروف، وهذا هو مذهب سيبويه والبصريين وأصلها عندهم الاسمية على ما ذكره ابن جني إلا أنها جرد عنها معنى الاسمية وأتى بها للمعنى الزائد على ذلك وهو معنى الخطاب، كما جردت الضمائر عن معنى الاسمية حين جعلت فصولا، وباب التجريد شائع في كلام العرب، وعلى هذا لا موضع لها من الإعراب، والدليل على صحة هذا المذهب هو أنه لا يخلو لو كانت اسما من أن تكون مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة، فلا يجوز أن تكون ...