وإن قال قائل: من أين يفهم له هذا؟ قيل: يفهم له إذا جعل قوله: (بالكاف) متعلقا باسم فاعل محذوف حال من معمول لا نطقا محذوف لدلالة على الكلام عليه، والباء في "بالكاف" باء الملابسة والتقدير: ولدى البعد انطقا بما تقدم من الأدوات ملتبسة بالكاف.
فإن قلت: وهل تقع الحال من المحذوف؟
فالجواب: نعم/، إذا كان في حكم المنطوق به كهذا الموضع نحو: قولك الذي لقيت راكبا زيد، أي: لقيته، فالحال من الضمير المحذوف وهذا ظاهر، فلو جعلت بالكاف متعلقا بـ (انطق) لم يكن في الكلام ما يدل على المعنى المراد منزلا على الأحكام اللفظية وأوهم معنى غير صحيح كما مر وقد حصل من هذا الكلام تقسيم أسماء الإشارة إلى قسمين:
قسم يشار به إلى القريب وهو ما تقدم ودل عليه ذكر القسم الثاني وهو المشار به إلى البعيد في قوله: (ولدى البعد انطقا) بكذا يعني أنك تزيد إذا أشرت إلى البعيد على ما تقدم كافا وحدها مع بقائها على ما كانت عليه في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، فتقول للمفرد المذكر ذاك، وللمؤنث تاك أو تيك أو ذيك، وللمثنى المذكر ذانك وذينك وللمؤنث تانك وتينك، وللمجموع مطلقا أولاك وأولئك، وهذا الثاني أكثر وأولى والأول جائز، ومنه قول مسافع بن حذيفة العبسي: