يعني أن هذه الأبنية الأربعة لا يقتصر فيها على القلة البتة حتى لا يجوز استعمالها لغيرها، بل يأتي بعضها دالاً على الكثرة وضعاً وإن كان الأصل فيه القلة، وأراد بالوضع الاستغناء به عن وضع جمع الكثرة كأرجل الممثل به، وهو جمع رجل، فإن العرب اقتصرت في جمعه على أفعل في القلة والكثرة، فلم تستعمل فيها غيره. ومثله كفٌّ وأكُفٌّ، ورَسَنٌ وأرسان، وشبه ذلك. وقد يطرد هذا في بعض الأبنية كفعل وفُعُل وفَعِل وفِعَال المعتل اللام أو المضاعف نحو: عنب وأعناب، وطنب وأطناب، وكتف وأكتاف، وبناء وأبنية، وعنان وأعنة. فإن العرب اقتصرت في هذه الأبنية على جمع القلة فلم تضع لها بناء كثرة.
وأما مجيء بعض أبنية الكثرة للقلة فنبه عليه بقوله:
والعكسُ جاء كالصفي
يعني أنه قد جاء من كلام العرب عكس ما تقدم من الحكم، وهو أن بعض أبنية الكثرة قد يفي بالقلة وضعاً، أي: يجيء دالاً على القلة، وحقيقة العكس أن تقول: وبعض جموع الكثرة قد يفي بالقلة، لأن قوله: "وبعض ذي" في تقدير: وبعض ما وضع للقلة قد