وإنما قلبت الهمزة هنا، وكان الأولى تركها على حالها؛ إذ لا موجب لقلبها في الظاهر، كما كان لقلب الألف في المقصور موجب، وهو كراهة التقاء الساكنين - لأن هذه الهمزة لما كانت بدلاً من ألف التأنيث كره بقاؤها، لأن وقوعها بين ألفين كتوالي ثلاث ألفات، فتوقى ذلك ببدل مناسب، وهو إما واو وإما ياء، فكانت الواو أولى، لأنها أبعد شبهًا من الألف وإنما أزيلت الهمزة لقربها من الألف، والياء مثلها في مقاربة الألف، فتركت وتعينت الواو.
وقال المبرد: قلبت واوًا لزيادة ثقل الهمزة بين ألفين بالتأنيث، ولأن الهمزة ليست من علامات التأنيث كالواو، بخلاف الياء، ألا ترى قولهم: (أنت تذهبين) كيف جعلت علامة للتأنيث؟ فكان قلب الهمزة لما ليس علامة مثلها أولى.
وقيل: إنما اختاروا الواو لأنها أبين في الصوت من الياء قال شيخنا الأستاذ - رحمة الله عليه - فيما حكاه عنه شيخنا الأستاذ أبو عبد الله/ البلنسي: والأوجه عندي في التعليل أن يقال: لما وجب واوا في النسب، بسبب أنها لو قلبت ياء لاجتمعت ثلاث ياءات، كذلك قلبت في التثنية واوًا، لأن التثنية وجمعي التصحيح والنسب تجرى مجرى واحدا.
قال: وكيف يليق أن يقال: فروا من الياء لقربها من الألف، مع أنهم قد فروا إليها في مسألة (مطايا) لأنها (لما (صارت إلى (مطاءا) كرهوا اجتماع ألفين بينهما همزة تشبه الألف، فصارت كثلاث ألفات، فقلبوها ياء لقربها من أصلها، إذ لم يريدوا إبعادها عن أصلها جملة، فقالوا: مطايا.