بالمثال، وهو قوله: (ككم رجال أو مرة) ويستفاد على هذا من كلام الناظم فوائد:
إحداها: أن لها في التمييز وجهين، أحدهما أن يكون جمعا ومفردا، فإنه جعله كعشرة أو مائة، والمتقرر في (عشرة) التمييز بجمع، نحو: عشرة أثواب، وعشرة غلمان، ونحو ذلك، والمتقرر في (مائة) التمييز بواحد، نحو: مائة رجل، ومائة غلام، فكذلك تقول هنا في (كم) إذا أخبرت: كم رجال أعطيت، وكم غلمان ملكت.
والفائدة الثانية: خفض ذلك التمييز في كلا حالتيه كما تقدم تمثيل، فكما يلزم الخفض في مفسر (عشرة) و (مائة) فكذلك فيما حمل عليه. ووجه ذلك حملها على ما مفسره من / العدد مخفوض، وهو (عشرة) و (مائة) وبهذا أشعر تشبيه الناظم، وهي الفائدة الثالثة، وذلك لأن الخفض فيها أولا للفرق بينها وبين الاستفهامية، فحصل التفريق في التفسير. ولما كانت (كم) تعطي معنى العدد، وكان العدد في التفسير على وجهين، صرفوا وجهي (كم) في التفسير إلى وجهي تفسير العدد، لكن خصوا الخبرية بالخفض، والاستفهامية بالنصب، لأن (كم) الخبرية تستعمل في المباهاة والافتخار، كما تستعمل (رب) في ذلك فحملت عليها.
وأيضا فإن (كم) للتكثير، و (رب) للتقليل، فحملوها على ضدها، إذ كان من كلامهم حمل الشيء على ضده.
ألا ترى أن النحويين استدلوا على أن (طال) فعل، بضم العين، لما كان ضده، وهو (قصر) على ذلك البناء، ومن ذلك أشياء كثيرة.
وأيضا فلما كانت للتكثير أشبهت من العدد ما هو كثير، وهو