قبلها على أصل موضوعها. وهذا معنى تعليل الفارسي وابن جنى وغيرهما. وهنا نظران:

أحدهما: أن الفاصل بين (أما) وجوابها، وهو تاليها، لا يكون جملة، وإنما يكون مفردا.

وكلامه لا يعطي هذا المعنى، وذلك أنه قال: لتلوتلوها" والتلو والتالي مفهوم إطلاقه أعم من أن يكون مفردا أو جملة، وذلك لا يستقيم، إذ لا يجوز أن يقال: أما زيد قائم فهو كذا، ولا ما كان نحو ذلك، لأن المقصود بالتالي هنا أن يكون فاصلا بين (أما) وجوابها كما تقدم، والفصل يقع بالمفرد، كما قالوا في اللام بعد (إن) من كونها مؤكدة معنى (إن) فكرهوا اجتماعهما لفظا، فألزموا الفصل بينهما/ بفاصل ما، فكذلك هنا، فيجوز الفصل بالاسم والظرف والمجرور ونحو ذلك، فتقول: أما يوم الجمعة فأنت قائم، وأما في الدار فأنا قاعد، وأما زيد فسائر.

فإن قلت: إن الجملة قد يفصل بها في الكلام، كما قال تعالى: } وأما إن كان من أصحاب اليمين. فسلام لك من أصحاب اليمين} ونحو ذلك، فما بعد (إن) يكون جملة من فعل وفاعل، وأنت قد قيدت الفصل بالمفرد، والناظم قد أطلق القول في ذلك، فتدخل له جملة الشرط، لا يحتاج إلى التقييد بالمفرد.

فالجواب: أن جعله على إطلاقه يؤدي إلى مفهوم لا يجوز باتفاق وهو وقوع الجملة التامة فاصلا، كقولك: أما زيد في الدار فينام، وذلك فاسد كما تقدم، فلا بد من التقييد المذكور. وأما جملة الشرط فشبيهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015