فإذا قلت: أما زيد فمنطلق، فالذي ولي (أما) قولك: "زيد" والذي ولي زيدا قولك: "منطلق" وإياه تلزم الفاء.
وقد تضمن هذا الكلام مسألتين:
إحداهما: أن قوله في الفاء أنها تلزم مشعر بأن ذلك هو جوابها، وأنها لا بد لها من جواب، ويبين ذلك أنه جعلها في معنى أداة الشرط وفعلها، وأداة الشرط لا بد لها من جوبا، فكذلك ما تضمن معناها.
والثانية: أن الجواب لا يليها، إذ قال: "وفا لتلو تلوها" والفاء قد تقرر أنها إنما تدخل على الجواب، فإذن الجواب لا يكون إلا تاليا لما يتلوها، فلا يجوز أن تقول: أما فزيد منطلق، وإن كان (أما) نائبا عن الشرط وفعله وفاعله، بل لا بد من الفصل بينهما، فتقول: أما زيد فمنطلق. وعلة ذلك وجهان:
أحدهما: أن (أما) كان القياس أن يظهر بعدها فعل الشرط، كما يظهر مع (مهما) وغيرها من الأدوات المضمنة معنى (إن) فلما حذف فعل الشرط لجعل العرب (أما) نائبة عنه قدم بعض الكلام الواقع بعد الفاء ليكون كالعوض من المحذوف، كما كانت (ما) في قولك: (أما أنت منطلقا انطلقت معك) كالعوض من الفعل.
والثاني": أن الفاء إنما وضعت في كلام العرب للإتباع، لتجعل ما بعدها تابعا لما قبلها، ولم توضع لتكون مستأنفة. والإتباع فيها على ضربين: إما إتباع مفرد لمفرد، وإما إتباع جملة لجملة.
فلو قلت: أما فزيد منطلق، لوقعت الفاء مستأنفة ليس قبلها مفرد ولا جملة يكون ما بعدها تابعا له، غنما قبلها حرف معنى لا يقوم بنفسه، ولا تنعقد به فائدة، فقدموا الاسم لذلك، فقالوا: أما زيد فمنطلق، ليكون ما بعدها تابعا لما