ومن الثاني: قوله تعالى: } وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون}.
وذلك أن الرفع والجزم أمرهما ظاهر، ولذلك جازا في غير الواو والفاء، فالجزم على التشريك إما في اللفظ إن كان الجزم ظاهرا، وإما في الموضع إن لم يكن كذلك، والرفع على الاستئناف.
وأما النصب فعلى منزع (ما تأتينا فتحدثنا) كأن قولك: إن تكرمني أكرمك وأحسن إليك، أو فأحسن إليك، أردت به: إن تكرمني يكن مني إكرام لك؛ وإحسان، أو فإحسان، ولا يجوز إظهار (أن) ها هنا كما تقدم.
وإنما اختص هذان الحرفان بهذا الحكم للوجه الذي اختصا لأجله بدخولهما في الأجوبة الثمانية، لما/ في الفاء من معنى السببية، ولما في الواو معنى المعية، وكل واحد من هذين المعنيين يقتضي الاتصال بما قبل، بخلاف غيرهما من الحروف فإنها ليست كذلك قال سيبويه: واعلم أن (ثم) لا ينصب بها كما ينصب بالواو والفاء، ولم يجعلوها مما يضمر بعده (أن) وليس يدخلها من المعاني ما يدخل في الفاء، وليس معناها الواو، ولكنها تشرك ويبتدأ بها.
وإذا كان الأمر ما قرره لم يكن النصب بعد (ثم) أو غيرها إلا من باب قوله.