وقال الآخر:
*متى تأته تعشو إلى ضوء ناره*
/ ف "متى" معمول ل"تأته" وقد تقدم عليه. ومثل ذلك كثير، فكأن الناظم خاف أن يتوهم جواز التقديم في مثل هذا اعتبارا بالأصل، فنبه على جواز التقديم، فكأنه يقول: أداة الشرط لا يتقدم عليها شيء من المعمولات ولا من العوامل.
فإن قيل كيف لك بمنع التقديم وأنت تقول: زيدا رأيته يضرب، وزيدا متى رأيته تكرم، وما أشبه ذلك، فتقدم معمول "تضرب" وهو جواب الشرط، ولا يضر كونه مرفوعا، فإن الرفع هنا سائغ، لمكان مضي فعل الشرط، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. فيظهر أن هذا عين ما رددت على الكسائي، وهو جائز عند سيبويه والبصريين نص عليه سيبويه في أبواب "الاشتغال": وقبله الجمهور، وإذا كان كذلك انهدم مما بنيته في هذا التفسير الأول.
فالجواب أن هذه مغلطة، لأن سيبويه إنما أجاز ذلك حيث جعل قولك: "تضرب" في: زيدا إن رأيته تضرب، دليلا لي الجواب، أصله التقديم، لا أنه الجواب بعينه، ولذلك إنما أجازه حيث يكون فعل الجواب مرفوعا. وإما إذا كان مجزوما فهو عنده ممنوع، نص على هذا أيضا، واعتل للمنع بأنه جواب، فلا يتقدم ما في حيزه على الشرط، فالفعل المرفوع دليل على الجواب، فجاز تقديم معموله، لأن جملة الشرط صارت