ومن النفي المؤول التشبيه في قولهم: كأنك وال علينا فتشتمنا، وكأنك أمير فتضربنا.
النصب هنا مذكور، لأن المعنى معنى النفي، كأنك قلت: ما أنت وال علينا فتشتمنا، وما أنت أمير فتضربنا.
ولكن الناظم أخرجه عن مراده لكون مثل ذلك غير مطرد في باب النفي، ومن ذلك ما جاء في (حسبت) من قولهم: حسبته شتمني فآثب عليه، نصب "فأثب" من حيث الشك الذي في (حسبت) وهو يشبه النفي، لأن المعطوف فيه غير واجب الوقوع، والوثوب لم يقع، لأن الشتم لم يتحقق وجوده، فكأنه في تقدير: ما شتمني فآثب عليه، وهذا ليس بقياس في مثله، فلذلك تحرز منه.
ويدخل له في التحرز أيضا نفي (قلما) لأن النفي فيها ليس بحق الأصل، وإنما هو بالتأويل، فلا تقول: قلما يأتيني فأكرمه، وإن جاء فإنما يكون متلقي من السماع.
وانظر في ذلك.
وأما (الطلب) غير المحض، وهو المتحرز منه، فيقع في الأمر، والدعاء، والاستفهام.
فأما (الأمر) فقد يكون بلفظ الخبر، كقولهم: حسبك ينم الناس، واتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه.
ومنه قوله تعالى: } تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله}.