تقول في الأسماء أن أصلها الإعراب، وما تخلف عنه الحكم بالإعراب لعلة فخارج عن الحكم عليه بالإعراب، لكن بعد الحكم باستحقاقه إياه فكأنه أعرب أولا، ثم أخرج عن الإعراب إلى البناء لموجب البناء، وعلى ذلك انبنت مسألة سيبويه في الوقف على النون الخفيفة في فعل الاثنين والجميع، إذ زعم أنك تقول: هل تضربون؟ وهل تضربان؟ وهو مشكل في فعل الاثنين، لأنه لا يقول بلحاق النون الخفيفة في فعل الاثنين، فكيف يفرض مسألة لا يقول بها؟ ! ولا يصح أن يفرضها على مذهب يونس، لأنه إنما يقف عليها. هل تضربا دون نون، فوجه هذا ما تقدم من أن النون الخفيفة على مذهب سيبويه كأنها لحقت ثم حذفت، لعلة التقاء الساكنين، وإلا فلو لم يقدر لحاقها وجودًا لما ساغ له فرض المسألة، فلا بد في صحتها من هذا التقدير، وكذلك مسألتنا لما كان لحاق النون "لمن" و"عن" حكمًا لازمًا بالاستقراء صارا كأن النون لاحقة لهما وجودًا، فلذلك عد الناظم عدم لحاقها لهما تخفيفًا، وأيضا فعلة عدم لحاقها إنما هو استثقال التضعيف، والتضعيف إنما يستثقل عند وجوده حقيقة أو توهمًا فإذا التخفيف ثان عن التضعيف حقيقة أو توهمًا، وهو معنى التخفيف الذي ذكر، وعلى هذا أيضًا يحسن إتيان الناظم بلفظ الحذف في قوله: (الحذف ... قد يفي) لأن الحذف إنما يكون بعد الإثبات، فنبه على أن لحاق النون فيها هو الأصل وأن عدم لحاقها حذف في المعنى القياسي، وهذه قاعدة صحيحة ناشئة عن أصل عربي نبهنا عليه شيخنا القاضي أبو القاسم الحسني- رحمه الله- وهو أن يقال: ما تخلف من الحكم لمانع، هل يقدر