حملناه على أنه أراد به ما جاء في الشعر على جهة التنزيل، لا على جهة أن اللفظ يقتضيه، وذلك لأن مقتضى لفظ الندور أنه قليل جدا خاصة، من غير تعرض إلى كونه مختصا بالشعر، أو غير مختص، فإذا حملناه في "ليت" أنه أشار إلى الندور الشعري لم يكن حكمًا بأن مراده في "لعل" أيضا أنه مختص بالشعر، بل يصح أن يقال أنه أراد ندوره في الكلام، لصلاحية اللفظ للمقصدين/ إذ لا يقتضي لفظ الندور ااختصاصا، فالقصد الأول في الموضعين التنبيه على الندور، وهو في لعلني وليتني حاصل على الجملة، إذ ليس بكثير، ولذلك لم يحفظه في "لعل" فيما علمت من تأخر عن سيبويه إلا في بيت الشعر، وليس كلام سيبويه بصريح في كثرته كما أنه لم يوجد في "ليت" إلا في الشعر، وإذا كان كذلك لم يكن في كلامه إشكال.
والثالثة: أن لفظ التخفيف في قوله: (واضطرارًا خففا) يعني أن الندوة لحقت، ثم حذفت بعد ذلك تخفيفًا للضرورة، وهذا أحد الاحتمالين في المسألة، ويحتمل أن يكونوا لم يلحقوها البتة، بل أتو "بمن" و"عن" عند الإضافة إلى الياء على الأصل، من عدم اللحاق فلو أخبر أن بعض من سلف لم يلحق النون في "من" و"عن" اضطرارًا لصح ولا سيما والموضع موضع ضرورة، فهو أولى ألا يع تبر فيه قصد التخفيف لكنه نبه على أصل ينبغي التنبه له، وهو أن ما لزم فيه من كلام العرب حكم من الأحكام أو غلب فيه أو أكثر، فدعوى أصالة ذلك الحكم لذلك المحل صحيحة، بناء على أن الكثرة لها الأصالة، وينبني على ذلك أن الحكم إذا تخلف عن ذلك المحل بعد ما ثبت له في القياس لعلةٍ أوجبت تخلفه، فهو لم يتخلف إلا بعد دخوله، أو تقدير دخوله كما