وذهب الجرمي إلى أن الناصب (الفاء)، كذلك (الواو) الشبيهة وكذلك (أو) بمعنى (إلا أن) وذهب الفراء إلى أن النصب بالخلاف، كما قالوا مثل ذلك في خبر المبتدأ إذا كان ظرفا، وفي المفعول معه، وخطب الخلاف هنا يسير، لا ينبني عليه إلا حفظ حكمة هذه لصناعة خاصة، فلا ينبغي أن يتشاغل فيها بالترجيح، إلا أن ما تقدم تقديره أمكن في الحكمة الصناعية.
الوصف الثاني: أن تكون جوابا لأحد أمرين: إما النفي، وإما الطلب. وذلك قوله: "جواب نفي أو طلب" ويشملهما أن تكون جوابا لغير الواجب، فإنه إن كان في الوجب لم يجز النصب إلا في الشعر، ويكون وجهه في الضرورة كما في غير الواجب. ومن ذلك قوله، انشده سيبويه:
سأترك منزلي لبنى تميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا.
وأنشد للأعشى، وقال: أنشدنا يونس:
ثمت لا تجزونني عند ذاكم ... ولكن سيجزيني الإله فيعقبا