(الفاء) بالنصب حتما إذا كان جوابا لما ذكر، أي مسببا عما قبلها، فذكر أن (أن) تنصب بعد (الفاء) في جواب النفي أو الطلب، ولم يذكر جواز الرفع، وإن كان النحويون قد أجازوه في المسألة، لأن الرفع لا يكون مع بقاء كونه جوابا فإذا قلت: ما تأتيني فتحدثني، ارتفع من وجهين:
أحدهما: أن تترك الثاني مع الأول في النفي، كأنك قلت: ما تأتيني وما تحدثني. ولا سببية في هذا.
والآخر: أن يكون موجبا، والعطف عطف الجمل، كأنك قلت: ما تأتيني، ثم أنت تحدثني الآن، ولا سببية في هذا أيضا) فلم يحتج إلى ذكر ذلك بحسب قصد ذكر النصب.
ولما كان الرفع لا يستقيم فيه المعنى الذي أرادوا صرفوا الكلام عن ظاهر لفظه، لئلا يبطل ما قصدوه من المعنى، وتأولوه على معناه، فجعلوا الكلام الأول في تقدير مصدر، وإن لم يكن لفظه لفظ المصدر، وجعلوا الثاني مقدرا بمصدر غير ظاهر، فلذلك قدرت (أن) فعملت عملها. فالكلام في تقدير: ما يكون منك إتيان فحديث، ولا ينطق به لأنه لا يعطي من المعنى ما يعطيه الكلام الأول. ولم تظهر "أن" لأن ظهورها لفظا كالمصدر الذي ظهر، ولم يظهر المعطوف عليه، إذا الظاهر إنما هو الفعل، فكان من المشاكلة لزوم الإضمار، وعليه نبه بقوله: "وستره حتم" والضمير عائد على "أن" وهي جملة اعتراض بين المبتدأ الذي هو "أن" وخبره الذي هو "نصب" وقوله: "وبعد نفي" متعلق ب "نصب.
وقد حصل أن مذهبه كون النصب بإضمار "أن" وهو مذهب سيبويه وجمهور البصريين.