وليس هذا الشرط داخلا تحت الأول، لأن (إذن) قد يكون الفعل واقعا بعدها، وهي بعد غير مصدرة نحو: إني إذن أكرمك، وما أشبه ذلك، فإن تقدم الفعل عليها لم يصح نصبه، فلا يجوز أن تقول: يقوم إذن زيد، ويخرج إذن.
ووجه ذلك راجع إلى ما تقدم قبل هذا، من أن حقها التصدير، وأيضا، لا يتصرف في معمولها بالتقديم، لأن أختيها وهما (أن، وكي) لا يكون ذلك فيهما، فلا يتقدم معمولها، فكذلك ما حمل عليها، وهو أحرى بذلك، لنقص رتبته عن رتبتهما.
والرابع: أن يكون الفعل متصلا ب (إذن) غير مفصول بينهما بفاصل معتد به. وذلك قوله: "موصلا أو قبله اليمين".
و"موصلا" حال من "الفعل" والعامل فيه الكون والاستقرار الذي دل عليه الظرف، بل الظرف نفسه لقيامه مقامه.
فإذا اتصل الفعل ب (إذن) نصبت فقلت: إذن أقوم.
فإن فصل بينهما فاصل فلا يخلو أن يكون مما يعد فاصلا أولا، فإن كان كذلك بطل العمل، فلا يجوز أن تقول: إذن أنا أكرمك، ولا إذن زيد يحسن إليك، بل يجب الرفع، وكذلك إذا فصل بمفعول أو غير ذلك نحو: إذن طعامك آكل، وإذن درهما أعطيك.
وإنما امتنع النصب لأجل الفصل بين العامل والمعمول، إذ كنت لا تفصل بين (أن) أو (كي) ومنصوبها، فلا تقول: أعجبني أن زيدا تضرب، ولا جئتك كي درهما تعطيني، فصارت (إذن) كحروف الابتداء، نحو (إنما، وكأنما) لا تعمل شيئا.