وإذا ثبت هذا فـ (غدوة، وبكرة) لما كانا متصرفين على غير طريقة (سحر) ظهر أن العدل فيهما غير مراد، وأن تعريف العلمية فيهما بحق الأصل، لا بالخروج عن الأصل؛ إذ لو كان كذلك لم يتصرفوا فيها. فقالوا: إن المانع فيهما مع العلمية التأنيث.

وأما (ضحى، وضحوة) وبابه، وإن كان ليومٍ بعينه، فإن عدم التصرف فيهما دل على أن التعريف فيهما ليس بحق الأصل؛ بل عدل بهما عن طريقهما من التعريف بالألف واللام، أو الإضافة.

ولما كانوا قد صرفوها دل على أنها في أنفسها ليست بمعارف؛ بل جرت مجرى قولهم: ما رأيته أول من أمس، وأنت تريد اليوم الذي قبل يومك، وما رأيته عامًا أول، وأنت تريد العام الذي قبل عامك، فاللفظ لفظ النكرة، والمعنى على خلاف ذلك، فكذلك (ضحى، وضحوة) لفظه نكرة، والمعنى معنى المعرفة. وهذا كله من الاستدلال بالأحكام وهو باب واسع في الأصول، وعليه المعول في كثير من الأحكام العربية. ثم قال:

وابنِ على الكسر فعالٍ علما ... مؤنثًا وهو نظير جشما

عند تميم واصرفن ما نكرا ... من كل ما التعريف فيه أثرا

يعني أن (فعال) على وزن (حذار، وتراك) إذا صار علمًا، سواء أكان أصلها الأمر أم غير ذلك من أقسام (فعال) وكانت تلك العلمية معلقة على مؤنث- فإن فيه وجهين:

أحدهما: البناء على الكسر مطلقا، وهو مذهب عرب الحجاز، وذلك قوله: "وابنِ على الكسر".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015