في منع الصرف مجرى ذلك المسموع. وباب (عمر، وزفر، وثعل) الصرف. وإنما كان يلزم الإشكال أن لو أتى به ليقيس عليه مثله، مما لا يثبت عدله إلا بمنع الصرف، وليس كذلك؛ بل أتى به من باب السماع فقط، لتقيس أنت عليه ما يثبت عندك عدله من وجه آخر، وما لم يثبت فلا تجريه في منع العرب صرفه، فلا معنى للأمر بمنع صرفه وقد كان وضعه كذلك.
فإذا تقرر هذا حصل أن ما أجرى الناظم من القياس ليس فيما مثل به، وأن ما مثل به ليس بقياس، وأن ما أورد في المسألة جارٍ على قوانين العرب والنحويين على اختصار عبارته بلطف إشارته، وهي من محاسنه.
ثم أتي بمسألة (سحر) فقال:
والعدل والتعريف مانعا سحر إذا ... به التعيين قصدا يعتبر
يريد أن يبين أن (سحر) إذا قصد به أن يكون ليومٍ بعينه، فإن العرب منعته الصرف، فتقول: جئتك يوم الجمعة سحر، ولقيتك يوم الخميس سحر، وأن السبب لمنع صرفه العدل والتعريف.
وإنما اعتنى بذكر المانع في (سحر) لإشكال منعه الصرف على حسب ما يتبين بحول الله، وذلك أنه وضع لوقتٍ بعينه، فهو معرفة، لأن ما وضع لشيء بعينه خصوصًا فهو معرفة، والتعريف فيه تعريف العلمية الجنسية، وهي مانعة كالشخصية.
ولما كان تعريفه على غير وجه التعريف المعلوم في نظائره، وهو إما بالألف واللام، وإما بالإضافة- صار كأنه عدل عما كان يستحقه إلى وجهٍ آخر