فالذي قد استعمل (أجدلا) ونحوه اسمًا لم ينقله من الوصفية إلى الاسمية، ومن اعتقد وصفيته فإنما اعتبر معنى الاشتقاق مجردًا، وذلك موجود في أصل الوضع، فكل واحد من الاستعمالين ممتاز من الآخر، فلم يكن ليرد أحدهما في الصرف أو عدمه إلى الآخر، لاستحقاق كل واحد منهما الأصالة، ولا يضر في هذا كون أحد الوجهين أكثر من الآخر إذا كان أصلًا في نفسه.

وقوله: "وقد ينلن المنعا" "النون" عائدة إلى الألفاظ الثلاثة، أي قد يمنع صرفهن قليلًا، ودل على القلة إتيانه بـ "قد" ولم يبين كونهما لغتين؛ إذا الحاصل مع ذلك ما ذكره من قلة الانصراف وقلة منعه.

ومنع عدل مع وصف معتبر ... في لفظ مثنى وثلاث وأخر

ووزن مثنى وثلاث كهما ... من واحدٍ لأربعٍ فليعلما

وهذا هو الموضع الثالث الذي يكون الوصف فيه ممنوعا من الصرف مطلقا، وذلك مع العدل.

والعدل: هو أن تريد لفظًا، فتنتقل عنه إلى غير مما يعطي معناه، لضربٍ من التخفيف أو المبالغة.

وذلك أن قولك: (مثنى) معدول عن لفظ: اثنين اثنين، أو عن لفظ (اثنين) مرادًا به التفصيل.

فإذا قلت: جاء القوم مثنى، فمعناه: جاء القوم اثنين اثنين، أي مرتبين في المجيء هذا الترتيب. فعدل هذا عن ذلك، أو تقول: عدل عن (اثنين) المراد به اثنين اثنين، من قولهم: الزيدان خير اثنين في الناس، أي هما خير الناس إذا قسموا هذا التقسيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015