أراد بالنوعين أسماء الأفعال وأسماء الأصوات، يريد أن بناء هذين النوعين لازم على كل حال، لأن سبب البناء موجود، فلا بد من وجود مسببه.
فأما (أسماء الأفعال) فسبب بنائها مختلف فيه، فمنهم من جعله تضمنها معنى لام الأمر، وهذا إنما يمشي في أسماء فعل الأمر.
فإذا قلت: (نزال) فهو بمعنى: لتنزل، وكذلك (صه) بمعنى: لتسكت، و (مه) بمعنى: لتكفف، وكذلك سائرها. فلما تضمنت معنى الحرف بنيت كما بنيت أسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، لتضمنها معنى "إن" والهمزة.
واتذر قائل هذا عما جاء منها للماضي والمضارع بأن الأصل والباب للأمر، وما عداه محمول ليه. وهذا رأي جماعة.
ومن النحويين من جعل سبب البناء فيها مناسبتها لما وقعت موقعه، وهي الأفعال المبنية.
وضعفه المؤلف بأن ما لا يعرب من الأفعال شبيه بالمعرب، لوقوع الماضي موقع المضارع في مواضعه المذكورة، ولذلك لم تلحقه هاء السكت، إذ كانت لا تلحق معربًا ولا شبيهًا به، ولكون الأمر جاريًا في أحكامه مجرى المجزوم، فيسكن آخره حيث يسكن آخر المجزوم، ويحذف حيث يحذف، بخلاف غيره من المبنيات كـ (الذي والتي) وأيضا فمنها ما وقع موقع المضارع، وهو مبني بخلاف فعله.
والذي ارتضاه المؤلف في بناء هذه الأسماء ما قاله أول الرجز من كون هذه الأسماء. نابت عن الأفعال، وكانت عاملة غير معمولة، فأشبهت (إن) وأخواتها، فبنيت، وذلك قوله: (وكنيابةٍ عن الفعل بلا تأثرٍ) وقد تقدم شرحه.