وما أشار إليه هو الحق، لأن ذلك متلقى من السماع، ليس للقياس فيه مدخل.
وكذلك أصل هذا الباب إنما هو السماع، والأحكام القياسية فيه قليلة كما رأيت.
واعلم أن هذا الكلام يقتضي أن ما لم تنونه العرب فهو معرفة، وأن ذلك بين ظاهر.
وهذه المسألة تحتاج إلى نظرٍ فيها وتتع لكلام الأئمة، هل الأمر كذلك أم لا؟
وهنا فرغ من الكلام على النوع الأول من أنواع هذا الباب، ثم أخذ في النوع الثاني والثالث فقال:
ومابه خوطب ما لا يعقل ... من مشبه اسم الفعل صوتًا يجعل
كذا الذي أجدى حكايةً كقب ... والزم بنا النوعين فهو قد وجب
وهذا النوع الثاني هو ما خوطب به غير العاقل على سبيل الزجر أو الحث أو الاستدعاء، أو غير ذلك مما يراد منها، فقال: إن هذا النوع مما خوطب به ما لا يعقل يسمى صوتًا، وإنما سمي صوتًا، ولم يطلق عليه أنه اسم فعل، لأنه لم يضع ليدل على فعلٍ وينوب منابه، وإنما وضع ليحصل به زجر البهيمة، أو دعاؤها، أو نحو هذا، لأن الكلام إنما يوضع للعاقل الذي يفهم الخطاب.
فلو قيل: إنها تدل على معاني أفعالٍ- لصح أن يقال إن العرب وضعت لغير العاقل كلامًا تخاطبه به، وهذا غير صحيح، فلذلك يسمى صوتا.