ضمير حضور, ولا يسقط له شيء, ولا يضرنا في ذلك قلة أحد الحضورين, وهو حضور الخطاب, وكثرة الآخر, وهو خصوص المثال, فقد يقصد هذا المعنى.
والأمر الثاني:
وقوع ذي الاختصاص غير مبتدإ به الكلام.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله: "بإثر ارجونيا" فقيد (أيها) بكونه آتيا بأثر (ارجوني) لا متقدما عليه.
وهذا قيد صحيح؛ إذ لا يجوز أن يقال: أيها الفتى ارجوني, لأنه واقع موقع التوكيد, ومحل التوكيد بعد تقرير المؤكد لا قبله.
والأمر الثالث: الإيتان له بـ (أي) كالنداء, وهو قوله: (كأيها الفتى) وقد تضمن هذا القيد ما تضمنته (أي) في باب النداء, من لزوم "ها" التنبيه معها, ولزوم وصفها بما فيه الألف واللام, وكونها مع المذكر المفرد أو المثنى أو المجموع على لفظ (أي) ومع المؤنث المفرد أو المثنى أو المجموع على لفظ (أية) وما أشبه ذلك.
وعلى ذلك قوله: "كنداء دون يا" فشبه الاختصاص بالنداء, فلابد أن تكون (أي) معه كما هي مع النداء, وهو ظاهر أيضا, لكنه لما أتى بـ (أي) في المثال خاف أن يتوهم لزومها للاختصاص, فأخذ يتحرز من هذا اللزوم المتوهم, فقال:
وقد يرى ذا دون أي تلو أل ... كمثل نحن العرب أسخى من بذل