والثاني: ألا تنوي المحذوف, بمعنى أنك تقدره كأنه لم يكن, فتعامل الاسم بعد الحذف معاملته لو كان كذلك في الأصل لم يحذف منه شيء. وهذا الوجه يسمى "لغة من لم ينو" وإليها أشار بقوله: (واجعله). يعني الباقي بعد الحذف "إن لم تنو محذوفا كما لو كان بالآخر وضعًا تمما" والأكثر في الترخيم الحمل على "لغة من نوى" ولذلك كانت مطردة في كل شيء, بخلاف "لغة من لم ينو" فإنه لا يحمل عليها إلا إذا لم يؤهد اعتبارها إلى لبس, كما سيذكر إن شاء الله.
ولهذا, والله أعلم, قدم الناظم هنا "لغة من نوى" على الأخر.
وقد شبهت هذه اللغة بقولهم في جمع (جارية): جوار- ببقاء الكسرة- دليلًا على ثبوت الياء تقديرا, وأن الإعراب منوى بها وشبهت الأخرى بحذف آخر المعتل, وجعل ما قبله حرف إعراب كيدٍ ودمٍ, ولا شك في اطراد الأول وعدم اطراد الثاني, فلذلك كثر الترخيم على اللغة الأولى, ولم يكثر على الأخرى.
ومعنى كلامه: أن كلا الوجهين المذكورين جائزين قياسيا, إلا أنك إذا رخمت على "لغة من نوى" فالباقي مستعمل على ما كان ألف فيه قبل الترخيم, لا زيادة على ذلك ولا نقصان.
وأما إن رخمته على اللغة الأخرى: فإن ما بقى من الاسم يعامل معاملة الاسم التام وضعًا, الذي لم يحذف منه شيء, فما لزم فيه في العربية, من إعراب أو تصحيح أو إعلال أو غير ذلك, لزم في آخر هذا المرخم.
هذا معناه على الجملة من غير تمثيل ولا تفصيل, ثم أخذ في التمثيل فقال: