وأما كونه لم يأت بالمشهور من تلك الألفاظ فذلك، والله أعلم، لأن ما أتى به هو الذي تحقق عنده أنه لم يستعمل في غير النداء، إذ كان غيرها قد نقل فيه الاستعمال في غيره حسبما وقع التنبيه عليه آنفا، ولم يكن ذلك كختصًا بالضرورة كما قال في (فل) بل استعمل في الكلام فلم يعبأ به، وأتى بما يتخلص به من الاعتراض عليه، وهو الألفاظ الثلاثة التي ذكر.
والجواب عن الثالث: أنه ذكر الشذوذ في (فل) ولم يذكره في المقيس وهو موجود فيه، لأن المقيس إذا اطرد لم يضره المخالف الشاذ في اطراده؛ بل يبقي على حاله من الاطراد، ويوقف المسموع على محلة، بخلاف المسموع إذا عارضه في استعماله استعمال آخر نحو: (فل) فإن للقائل أن يقول: قد استعمل في النداء وغير النداء، فليس مختصا، فيعارض بذلك، فلا يتخلص له المثال من الاعتراض، فبين أن ما جاء في غير النداء إنما جاء في محل (الضرورة) لا في محل (الاختيار). ولذلك لم يسمع في غير بيت أبي النجم، كما نبه عليه بقوله: "وجر في الشعر فل" وبقي ما عدا هذا الموضع مشتعملا فيه (فل) في النداء خاصة استعمالاً شهيرا، يشهد فيه أنه اختص بالنداء.
وهذا النوع من المسموعات الموقوفات على النقل قد يتفق كثيرا.
ألا ترى إلى استغنائهم بـ (ترك) عن / (وذر، وودع) وذلك مسموع، ثم