الإتيان بالمتصل، فلا بد حينئذ من الإتيان بالمنفصل، ولا يكون ذلك إلا لمانع منع من الاتصال، فإن طلب العامل باق كما كان، والموانع التي تنمع من الاتصال بالاستقراء ستة:
أحدهما: أن يكون العامل غير ملفوظ به، إما لكونه معنويًا نحو: أنا قائم، وإما لكونه محذوفًا نحو: إن أنت قمت أكرمتك فالعامل هنا لم يكن لفظيًا لم يتأت اتصال الضمير به، إذ الاتصال حكم لفظي.
والثاني: أن يقع بين الضمير وعامله فاصل، لا يتأتى وقوعه إلا هنالك كإلا في الحصر، نحو: ما قام إلا أنا، أو "إما" نحو: قام إما أنا وإما زيد، واللام الفارقة نحو: إن قمت لأنت وإن قعد لأنا، أو متبوع نحو: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} فالضمير في هذه ونحوها لا يمكن اتصاله للفاصل الواقع بينه وبين معموله.
والثالث: أن يتقدم الضمير على عامله لموجب اقتضى ذلك نحو: {إياك نعبد وإياك نستعين}. فإن موضع الاتصال آخر الفعل، لا أوله/ فكان الاتصال مع قصد التقديم غير متأت.
والرابع: أن يقع اللبس بالاتصال، كما إذا كان الضمير مرفوعًا بصفة جرت على غير من هي له، نحو: مررت برجل ضاربه أنا، فلو اتصل الضمير لأوهم أن الضارب هو الرجل لا أنت، فلم يكن بد من انفصال، ومثله إذا التبس أحد المفعولين بالآخر مع الاتصال في باب