العمل الطلب الاختصاصي، وإنما يوجد ذلك مطلقًا في الأفعال، إذ لا فعل إلا وهو عامل، ثم يليها الحروف، لأنها تطلب بأنفسها الجر في الأسماء، والجزم في الأفعال، ولم تستحق ذلك بشبه، ثم يليها الأسماء، لأن أصلها ألا تعمل، إذ هي مطلوبة في الأصل لا طالبة وإنما تعمل في الغالب بالشبه بالفعل كاسم الفاعل والمفعول، أو بالنيابة عنه كاسم الفعل والمصدر أو بالنيابة عن الحرف كالمضاف، وهذه قاعدة بيانها في غير هذا الموضع، فإذا تقرر هذا فالأصل في كل مضمر طلبه عامل أن يتصل به، لما تقدم أول المسألة، فأما الأفعال فيتصل بهام عمولاتها على الجملة كما مر. وأما الحروف فما كان منها طلبه بحق الأصل فكذلك، ويجري مجراهما ما أشبههما، فالحروف تجرى في هذا مجراها الأسماء المضافة، من حيث هي مضافة، لأن معنى حرف الإضافة معها قائم، فكما تقول لي ولك وله، كذلك تقول: غلامي وغلامك وغلامه، والأفعال أيضا يجرى مجراها من الأسماء: ما أدى معناها، عمل عملها على التمام، من غير اعتبار بلفظ الاسم، كأسماء الأفعال، ولا سيما ما كان منها على فعال، فكما تقول: اتركها، كذلك تقول: تراكها، وكذلك ما أدى معناها وعمل عملها لكن مع اعتبار لفظ الاسم، كاسم الفاعل والمصدر والموصول، فالحكم الأصلي فيه الاتصال أيضا، فتقول: أنا مكرمه كإكراميك، كما تقول: أنا مكرمه كما أكرمك، ويجرى مجراها من الحروف أيضا ما أشبهها كإن وأخواتها فتقول: إنه القائم، كما تقول: ضربه القائم فهذه الجملة يتأتى (لك فيها) الإتيان بالمتصل، فلا يصح أن يؤتى فيها بالمنفصل، إذا لا موجب لذلك، وفي ضمن هذا الكلام أنه إذا لم يتأت