والثاني: أن يكون الفعل يصح إسناده إلى الأول مقتصرًا عليه مع إرادة الثاني، فإن لم يصح إسناده إلى الأول مسكوتًا عن الثاني، وإن قصد المجاز، فيمتنع البدل فلا تقول: أسرجت القوم دابتهم؛ إذ لا يصح فيه إسناد الفعل إلى الأول مقتصرا عليه وإن كان الثاني مفهوما من الأول، وأن الفعل يشير إلى الثاني ويفهمه، لأنك لا تقول: أسرجت القوم، وأنت تريد: أسرجت دابتهم، بخلاف قولك: سرق عبد الله ثوبه، أو نفعني زيد علمه، فإن البدل فيه سائغ، لجواز قولك: سرق عبد الله ونفعني زيد.
فهذان شرطان في (بدل الاشتمال) لابد منهما، وقد يستغني عن الشرط الأول بالثاني لأنه لا يستغنى بالمبدل منه عن المبدل إلا وهو دال عليه، وإياه شرط في "الشرح" خاصة.
وكذلك أيضا بدل البعض، لابد من جواز الاستغناء فيه بالأول مع إرادة الثاني وفهمه منه، فتقول: جدع زيد أنفه، لأنك تقول: جدع زيد، وأنت تريد: جدع أنفه، ولا تقول: قطع زيد أنفه، لأنك لا تقول: قطع زيد، وأنت تريد: قطع أنفه، كما لا تقول: قتل زيد أخوه، كما لأنك لا تقول: قتل زيد، وأنت تريد: قتل أخوه وكل هذا لم يذكره الناظم.
وقد منع النحويون أن يقال: مررت بأربعة رجالٍ صريعٍ وجريحٍ، أو مررت بأربعةٍ رجلٍ وامرأةٍ على البدل، بل يجب القطع، ويمتنع الإتباع على (بدل البعض) قالوا: لأنه لا يصح إطلاق الأربعة والمراد اثنان، فيجب القطع على قصعد التبعيض.
وكذلك إذا قلت: رأيت رجالاً زيدًا وعمرًا، لا يجوز الإتباع؛ بل يجب