ثم كونه مقصودا بالحكم يشمل وجهين:
أحدهما: كونه محكومًا عليه وهو الخبر عنه، كما في المثال المتقدم، فالمخبر عنه يقال فيه: إنه مقصود بالحكم.
والثاني: كونه محكومًا به، فإنك تقول: هذا زيد أخوك فـ (أخوك) مقصود بالحكم به إذًا، والمحكوم عليه (هذا) و (أخوك) مقصود أيضا بالحكم، أي بكونه محكوما به، ولابد من تحميله المعنيين معا، وإلا كان قاصرا عن الغرض المقصود.
وتحرز بهذا القيد من "النعت" و"التوكيد" و"عطف البيان" فإن كل واحد منها ليس هو المقصود بالحكم، وإنما وضعه لبيان الأول أو لمعنًى يصلح له، والأول هو المقصود بالحكم لا الثاني.
وكذلك يخرج له بهذا القيد المعطوف بالواو والفاء ونحوهما، لأن قوله: "التابع المقصود بالحكم" هكذا معرفا باللام - مؤذن عند طائفة بالحصر، فإذا قلت: العالم زيد، فمعناه أنه مختص بالعلم، والمقصور عليه العلم، فكذلك هذا يكون معناه أن المختص بقصد الحكم هو المسمى بدلا، فعلى هذا كل تابعٍ ليس بمختص بأنه مقصود بالحكم خارج بهذا القيد عن كونه بدلا، فيخرج المعطوف بالحروف المشركة في المعنى، لأن كل واحد من التابع والمتبوع فيها مقصود بالحكم، لم يختص به التابع دون المتبوع، وهذا ظاهر جدا.
وقوله: "بلا واسطةٍ" تحرز من المعطوف بـ (بل، ولكن) ونحوهما، فإن المعطوف بها هو المقصود بالحكم دون الأول.
فإذا قلت: قام زيد بل عمرو، فـ (عمرو) وهو المقصود بالحكم دون (زيد) وكذلك قولك: ما قام زيد لكن عمرو، لأن (لكن) أوجبت لما بعدها ما تحقق بطلانه