ومنهم من لم يشترط ذلك لأن المتكلمين إذا اصطلحا على التكلم بكلامٍ واحد، أحدهما يتكلم بجزئه، والآخر بالجزء الآخر - فقد اشتمل على قيوده المعتبرة، فكما لا يشترط اتحاد الكاتب [كذلك لا يشترط اتحاد المتكلم].

فإن قيل: إذا لم يتحد المتكلم لم يترتب على الكلام مفهوم، كما يترتب على الكلام إذا اتحد المتكلم؛ إذ لا يعلم ارتباط أحد الجزءين بالآخر، فلا يفيد الكلام فائدة، ومن شرط الكلام الفائدة.

فالجواب: أن هذا راجع إلى السامع لا إلى الوضع، فإن الوضع إنما كان لحصول الفائدة، وذلك هو المقصود، وإلا لزم أن يكون الكلام من متكلم واحد - إذا لم تحصل به للسامع فائدة لعدم فهمه له - أن لا يكون كلاما، وذلك باطل، فأصل الكلام لا خلل فيه، وإنما الخلل في فهم السامع، فلا يكر على الكلام بالإفساد، وهذا كله إنما هو نظر في أمر قياسي، والمعتمد إنما هو السماع، فإن سمع كلام واحد من متكلمين فذاك، وإن لا فلا ينبغي أن يهمل ذلك الشرط، وقد وجدنا كلاما من متكلمين، قال امرؤ القيس والتوأم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015