والثاني: أنه ذكر من مواضع العطف الخبر المثبت، وأطلق فيه، فاقتضى جواز العطف بها بعد الماضي نحو: قام زيد لا عمرو، وهو رأي جماعة.
وذهب بعضهم، وهو رأي ابن أبي الربيع، إلى المنع إلا مع التكرار، فإنك إذا عطف بها بعد الماضي فقلت قام زيد لا عمرو- كان التقدير: قام زيد لا قام عمرو، بناء على أن المعطوف على تقدير تكرير العامل، ولو أعدت العامل للزم التكرار فقلت: لا قام عمرو (ولا قام أخوه، إذ لا يقال: لا قام زيد) يا هذا، فكذلك ما كان في تقديره.
والأرجح ظاهر مذهب الناظم من الجواز، لأن ما بنوا عليه من التقدير غير مسوغ لما قالوا، فإن تقدير التكرار ليس بحقيقي حتى يعتبر اعتبار المنطوق به، والإلزام ألا يوجد العطف في المفردات البتة، إذ ما من معطوف إلا وهو على تقدير تكرار العامل، فإذا اعتبرت فيه تكرار العامل صار المفرد جملة مع العامل، فزال عطف المفردات رأسًا، وهذا باطل باتفاق. وإذا كان كذلك لم يكن العامل المقدر هنا في حكم المنطوق به، فلا يلزم ما قال.
وأيضًا فالسماع موافق للقول بالجواز إذا سلم أن سلم أن المقدر والمنطوق به سواء في الحكم، ففي الكتاب {فلا أقتحم العقبة}، وقال