والجواب عن الإشكال أن العطف مع (لكن) وإن كان من عطف المفردات في حكم عطف الجمل، فاغتفر لذلك، مع أن عطف المفردات معها صحيح بنص سيبويه.

بهذا وجهه الأستاذ أبو عبد الله ابن الفخار شيخنا رحمه الله، فالأظهر ما ذهب إليه الناظم هنا من كون (لكن) ثابتة الحكم في الحروف العاطفة. وكثيرًا ما يخالف هنا رأيه في "التسهيل" وقد تقدم من ذلك أشياء، وستأتي أخر إن شاء الله تعالى.

واعلم أن (لكن) على وجهين كما أشير أليه، أحدهما أن تقع في عطف الجمل، فهذه لا يقتصر بها على نفيٍ دون إثبات، ولا على نهيٍ دون أمر، بل تكون بعد الإثبات كما تقع بعد النفي، فتقول: قام القوم لكن عمرو لم يقم، وتقول: لم يقم القوم لكن عمرو قام.

وكذلك تقع بعد الأمر كما تقع بعد النهي وغيره، فتقول: أكرم زيدًا لكن عمرًا لا تكرمه، وما أشبه ذلك، لكن بشرط أن يكون ما بعدها مخالفًا لما قبلها، ولم يتكلم الناظم في هذا الوجه.

والثاني أن تعطف المفردات، وهي التي أخذ في تقرير حكمها، فبين أنها تقع بعد (النفي، والنهي) فلا تقع بعد (الإثبات) فتقول: ما وجدتني عاذلًا لكن عاذرًا، فلا تكن لي خاذلًا لكن ناصرًا.

ولا يجوز أن تقول: رأيت زيدًا لكن عمرًا، وممرت بصالحٍ لكن طالحٍ. قال سيبويه. فإن قلت: مررت برجلٍ صالحٍ ولكن طالحٍ فهو محال لأن (لكن) لا يتدارك بها بعد إيجاب، ولكنها يثبت بها بعد النفي. يريد: بلا يتدارك بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015