والثاني حكاه عن الكسائي وهشام أنها بمعنى (بل) لكن ما بعدها بمنزلة ما قبلها، فإذا قلت: قام زيد أم عمرو قائم، فالتقدير: بل عمرو قائم. وإذا قلت: هل قام زيد أم عمرو قائم، فال تقدير بل هل عمرو قائم.
وهذا كله لا دليل عليه، بل الذي دل عليه الاستقراء ما تقدم. قال الأبذي: والدليل على ذلك عندي أن العرب لا تدخلها على همزة الاستفهام، لا تقول: قام زيد أم أعمرو قائم؟ كما تقول: قام زيد بل أعمرو قائم: ؟ وما ذاك إلا لتضمنها معنى الهمزة، إذ لا يجوز دخول همزة الاستفهام على مثلها، وإنما تدخل (أم) على كلام فيه غير الهمزة من أدوات الاستفهام، لأن الهمزة قد تدخل على غيرها من أخواتها، كما قال:
سائل فوارس يربوع بجهلتها ... أهل رأونا بوادي القف ذي الأكم
فكذلك تدخل (أم) عليها، كقوله، وهو علقمة:
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... إثر الأحبة يوم البين مشكوم