يعني أن (أم) إن خلت من ذلك القيد المتقدم، فلم تقع بعد همزة التسوية، ولا بعد همزة تغني عن ذكر (أي) فهي "المنقطعة" أو التي بمعنى (بل).
واقتضى هذا الكلام أنها إذا خلت من التقييد المذكور تفي بأمرين اثنين، أحدهما الانقطاع، والآخر الإضراب المجرد، وهو معنى (بل) فالتي تقتضي الانقطاع هي المؤدية معنى (بل) والهمزة معًا، فإذا قلت: (إنها لإبل أم شاء) فالتقدير: بل أهي شاء؟ كأنه رأى أشباحًا على بعد فتوهم أنها إبل، فقال: إنها إبل، ثم أدركه الشك فاستدرك الاستثبات فقال: أم شاء، فأضرب عن ذكر الكلام الأول، ثم أخذ يسأل: أهي شاء؟
وهكذا سائر ما تقدم من الأمثلة في تفصيل شروط الاتصال، فلا معنى لتكرارها. وقد تبين معنى الانقطاع، إذ كان بـ (أم) مضربًا عما تقدم، ومستأنفاً سؤالًا.
وجمهور النحويين متفقون على هذا المعنى لـ (أم) المنقطعة، وقد حكى الأبذى فيها خلافًا بين البصريين والكوفيين، فحكى عن البصريين ما ذكر، وعن الكوفيين قولين، أحدهما حكاه عن الفراء، أنها بمعنى (بل) وحدها مطلقًا، فإذا قلت: هل قام زيد أم عمرو قائم؟ أو قلت: قام زيد أم عمرو قائم؟ فالمعنى عنده: بل عمرو قائم.