أثني عليَّ بما علمت فإنني ... أثني عليك بمثل ريح الجورب
ثم جوز أن يكون المعنى: إني أقيم لك الذم مقام الثناء، كما قال تعالى ((فبشرهم بعذاب أليم))، والعذاب ليس ببشارة، وإنما المعنى: إني أقيم لهم الانذار بالعذاب الأليم مقام البشارة. قال: فإذا حمل على هذا التأويل لم يكن في البيت حجة، ولما كان إطلاق لفظ الثناء محتملا بحسب هذا الخلاف، حرر الناظم -رحمه الله- عبارته وبين مراده وقصده، فوصف الثناء بالجمال فقال: "مستوجب ثنائي الجميلا" ليظهر للعيان شكره لما صنع ابن معط، ومدحه له. والجميل اسم فاعل من جمل الرجل -بالضم- جمالا فهو جميل، وامرأة جميلة، وجملاء -بالمد- والجَمَال: الحسنُ، وهذا كله إقرار منه لابن معط بفضل السَّبقية، وأن لابن معط الفضل عليه من جهة كونه تابعا له، ومقتفيا أثره، وسالكا على طريقه، وهكذا الأر في نفسه، فإن السابق له فضيلة ظاهرة على غيره من اللاحقين، إذا كان اللاحق مهتديا بناره، مقتديا بفعله، فكانا كالإمام والمأموم.
روى أن إسحاق بن إبراهيم لما صنع كتابه في "النغم واللحون"