فإذا قلت: (قام زيد فعمرو) فالقائم أولًا زيدً، وبعده عم لكن امهلة بينهما، ولا فصل بين زمانيهما إلا بمقدارٍ ما، لا يمكن الشروع في الثاني بعد الفراغ من الأول إلا به عادة، فلا يلزم أن يقال: إن الثاني متصل بالأول من غير فصل البتة، ولا تراخ قليلٍ ولا كثير، بل ما ذكر، وهو الذي ينبغي تفسير الاتصال به في كلام الناظم، وهو التحقيق عند شيخنا الأستاذ، رحمه الله.
قال: وقد أشار الفارسي في "الإيضاح" إلى هذا المعنى.
فقول الناظم" "باتصال" معناه الاتصال العرفي الذي لا يعد به الثاني منقطعا من الأول. وهذا يقتضي أنها لا تكون لغير ترتيب، وهو الذي عليه الجمهور.
وذهب بعض النحاة، فيما نقل، أن (الفاء) قد تكون للاجتماع كـ (الواو) فليس الترتيب يلازم لها عندهم. والاستقراء يشهد بخلاف ما قالوا.
وقد احتجوا على ما ذهبوا إليه بأشياء توهم دعواهم، منها قوله تعالى: {فنادوا صاحبهم فتعاطي فعقر {أي تعاطي الذنب فعقر، وتعاطي الذنب هو العقر نفسه.
وقوله: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا {الآية، لأن الإهلاك بعد مجيء البأس أو معه، لا أن مجيء البأس مرتب على الإهلاك. وقوله تعالى: {ثم دنا فتدلى {- المراد- والله أعلم- تدلى، يعني جبريل، فدنا.