ثم أخذ في بيان ما يستتر من ضمائر الرفع فقال:

ومن ضمير الرفع ما يستتر ... كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

يعني أن ضمائر الرفع المتصلة على قسمين: قسم بارز ينطق به، وقد تقدم ذكره. وقسم يستتر، فلا يظهر له أثر في اللفظ، وإنما هو مقدر في النية، فعبر عن هذا المعنى بالاستتار، كأنه احتجب عن الإدراك اللفظي.

فإن قيل: إن الاستتار في الذهن إنما يستعمل فيما كان منكشفًا ثم اختفى، والضمير المستتر هنا لم يكن ظاهرًا ثم اختفى؛ لأن حقيقة الضمير البارز ألا يخفى أبدًا، والضمير المستتر هنا لا يظهر أبدًا، وإذا كان كذلك لم يلق بالموضع لفظ الاستتار، وإنما كان الأولى الإتيان بلفظ يعطى معنى عدم) الظهور جملة، ما قال في "التسهيل" فمنه واجب الخفاء ومنه جائز الخفاء، إذ لفظة الخفاء لا يفهم منها أنه كان ظاهرًا، ثم خفي بخلاف لفظة الاستتار والاختفاء؛ لأن كل واحد من هذين مطاوع لقولك: سترته وأخفيته، أي: فعلت به هذا بعد أن لم يكن، وليست الضمائر المستترة مما كان ظاهرًا ثم استتر، لأنك إذا قلت: افعل يا زيد فليس المقدر لفظ أنت ولا غيره، وكذلك إذا قلت: نحن نفعل، فليس المقدر لفظ نحن ولا غيره، وكذلك سائر ما يستتر منها وجوبًا، وإنما هي أمور ذهنية تقديرية لم تظهر قط، فلم ينبغ أن يأتي بما يقتضى أنها ظهرت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015